منذ القدم، وجدت البشرية نفسها تتساءل حول طبيعة الأرض وشكلها، فهل هي مسطحة أم كروية؟ وعلى الرغم من أن الإجابة على هذا السؤال يبدو أمرًا بديهيًا اليوم، إلا أن هذا النقاش استمر لعدة قرون، وشهد من النقاشات والحجج والتجارب العلمية الكثيرة. ومع تطور التكنولوجيا والعلوم، تمكن الإنسان من الوصول إلى إجابة نهائية تؤكد أن الأرض كروية، إلا أن هذه المشكلة لا تزال تثير الجدل بين بعض الأفراد والجماعات التي تدعي أن الأرض مسطحة. لذلك، سنتحدث في هذه الورقة عن الحجج والأدلة العلمية التي تؤكد أن الأرض كروية، وسنناقش الأفكار والحجج المثارة من بعض المؤيدين لفرضية الأرض المسطحة.
أثبت اليونانيون كروية الأرض بواسطة عدة أدلة وملاحظات. ففي القرن الخامس قبل الميلاد، كان معظم الفلاسفة والعلماء الإغريق يعتقدون أن الأرض كروية. وفي عام 250 قبل الميلاد، أثبت الفيلسوف الإغريقي إيراتوستين أن الأرض كروية بواسطة عصا وزاوية سقوط الشمس. حيث لاحظ إيراتوستين أن الشمس وقت الظهيرة في أطول أيام الصيف تضيء بئر عميقة في مدينة أسوان (سين قديما) دون أن تلقي أي ظلال، ثم قاس زاوية الظلال التي تلقيها عصا وقت الظهيرة في نفس اليوم بمدينة الإسكندرية شمالا، ووجد أنها كانت 7 درجات. فلو كانت الأرض مسطحة لكانت زاوية سقوط الشمس متطابقة بين المدينتين.
وعلاوة على ذلك، استدل العلماء الإغريق قديمًا بأدلة أخرى على كروية الأرض، مثل ملاحظتهم لمواقع النجوم والكوكبات النجمية التي تبدو مختلفة في نصف الكرة الأرضية الشمالي عنها في الجنوبي، ولاحظوا ظلال كوكب الأرض المستديرة على القمر أثناء خسوف القمر. وهذه الأدلة والملاحظات جميعها تؤكد أن الأرض كروية وليست مسطحة